الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
55 و56 و57 هود وهاد وهدنا واليهود: بمعنى التوبة والإنابة والرجوع والخضوع، ومنها ما جاء بالرومية في قوله تعالى {فصرهنّ} قطعهن أو ضمهن، {الفردوس} البستان والجنة، {القسط} العدل، {القسطاس} الميزان، {طفقا} قصدا وشرعا، {الرقيم} اللوح والكتاب، {الصراط} الطريق، القنطار إثنا عشر ألف اوقية، {عدن} اقامة دائمة، ومنها ما جاء بالهندي في قوله تعالى {ابلعي} اشربي وتقدم أنه بلغة الحبشة بمعنى از دردي والمعنى واحد، {طوبى} الجنة وهي كذلك بلغة الحبشة، {سندس} رقيق الحرير الديباج، وهو كذلك بالفارسية، وهذا مما يدل على أن اللغات آخذة بعضها من بعض وهو كذلك، فإنك لا تجد لغة إلا وفيها من غيرها، وبما أن أوسع اللغات هي العربية فنقول إن هذه الكلمات وغيرها في الأصل عربية وتناقلتها اللغات الأخرى فأدمجتها في لغتها وها هي ذي لغة الترك مركبة من عربي وفارسي وبربري، ومنها ما جاء بالسريانية في قوله تعالى {سريّا} نهرا، أو جدولا صغيرا وبالعربية كذلك، وبمعنى شريف ونبيل، راجع الآية 23 من سورة مريم المارة، {طه} يا رجل وهو كذلك بالحبشية، {جنات عدن} الكروم والأعناب، {الفردوس} جنات الأعناب فقط، {الطور} الجبل، {يمشون هونا} حلماء موقرين، {هيت لك} عليك أن تفعل، {ولات} وليس وهي باللغة العربية كذلك، {ربيّون} ربانيون علماء عارفون، {رهوا} ساكتا، {سجدا} مقنعي رءوسكم، {القيوم} الذي لا ينام، الاسفار الكتب وهذه كلها بالعربية كذلك، {القمل} الذباب، {اليم} البحر، {صلوات} كنائس اليهود، {آزر} اسم أبي ابراهيم، قنطار اسم لملء جلد الثور ذهبا أو فضة وتقدم أنه في الرومية لوزن مخصوص، ومنها ما جاء بالعبرانية كفّر عنهم محا عنهم {هونا} صلحاء وهو كذلك بالسريانية، {أخلد في الأرض} ركن إليها، {هدنا إليك} ثبتنا على ما تريد، {كتاب مرقوم} مكتوب، {رمزا} تحريك الشفتين، {فومها} الحنطة، {أواه} الداعي وتقدم أنه بمعنى الموقن بالحبشية، {طوى} اسم واد بفلسطين وبمعنى رجل، {اليم} البحر وهو كذلك بالسريانية، {الرحمن} كثير الرحمة، {الأليم} الموجع، {حمل بعير} الحمار أو الدابة، {درست} تعلمت وقرأت، {حطة} حط عنا أوزارنا، {الأسباط} الأفخاذ، {راعنا} انظرنا {من لينة} شجرة طرية، {قسيسين} علماء النصارى، ومنها ما جاء بالنبطية طور سينين المحشي وتقدم في اللغة الحبشية كذلك، {أسفارا} كتبا كما تقدم في السريانية، {الحواريون} الغسّالون، {الأكواب} الاواني التي لا عرى لها ولا خرطوم، {وليتبّروا ما علوا} يهلكوا إهلاكا عظيما، {سريا} نهرا، وهو في السريانية كذلك، {سفرة} قراء {فصرهن} قطعهن وهي بالرومية كذلك، {طه} يا رجل، وهي كذلك في الحبشية والسريانية: {الطور} الجبل وهو في السريانية كذلك، {إلا} عهدا وموثقا، {الفردوس} الكرم وهو كذلك في السريانية، الملكوت الملك، {هيت لك} هلم لك وتقدمت انها في السريانية بمعنى آخر قريب من هذا، {رهوا} سهلا، وتقدم أنه بمعنى ساكن في السريانية، {عبدت} قتلت، {وراءهم} ملك أمامهم، {قطّنا} كتابنا، {إصري} عهدي وميثاقي، {كفّر} أمح وهي كذلك في السريانية والعبرانية، {وزر} الجبل والملجأ وهذه كلها بالعربية كذلك بزيادة في معناها من الكلمات المترادفة بما يدل على أن النبطيين أخذوها من العرب ومنها ما جاء بالقبطية في قوله تعالى {متكأ} الأترج، {مناص} فرار ومهرب، {مزجاة} قليلة، {فناداها من تحتها} من بطنها، {بطائنها من إستبرق} أي ظواهرها، {الجاهلية الأولى} الأخيرة، {الجاهلية الأخرى} الأولى لأنهم يسمون الآخرة أولى والأولى أخرى ومنها ما جاء بالتركية، غسّاق: الماء البارد والمنتن، ومنها ما جاء بالزّنجية في قوله تعالى {حصب جهنم} حطبها، {الأليم} الموجع وهو كذلك بالعبرانية، {منسأته} عصاه وهو كذلك بالحبشية، ومنها ما جاء بالبربرية في قوله المهل: عكر الزيت، {ناظر في إناء} نضجه، {حمّ} منتهى الحرارة، {عين آنية} جارية، {يصهر ما في بطونهم} ينضج به، {أبّا} الحشيش، قنطار ألف مثقال من ذهب وفضة، 136 هذا ما عثرنا عليه، وما قيل إن عمر بن يحيى الحافظ أوصلها إلى مئنين فهو من غير المترادف منها والمتداخل فيها، ولو حسب هذا لبلغت ذلك وأكثر.واعلم أن هذه الكلمات بوجودها في القرآن العظيم تعد عربية بحتة، وعلى فرض أن منها ما هو ليس بعربي فقد نقل إلى العربية قبل نزول القرآن، إذ تكلمت بها العرب قديما وأجرتها على الأصول العربية إعرابا وبناء، لهذا فلا محل للقول بأنها أجنبية ويتحتم علينا أن نئولها على ما وضعت له ونعتت به مثل {الْمُسْتَقِيمِ} أي العدل صفة القسطاس {وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ} بأن تعطوهم أنقص من حقهم أو تأخذوا منهم أكثر من حقكم {وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} بأن تقطعوا الطرق وتسلبوا المارة وتشنوا على الآمنين الغارة وتهلكوا الزرع والضرع وهذا معنى تعثوا لأنه المبالغة في الإفساد والإكثار منه.{وَاتَّقُوا اللّه الَّذِي خَلَقَكُمْ} أجنة في بطون أمهاتكم {وَالْجِبِلَّةَ} الخليقة {الْأَوَّلِينَ} من الأمم التي خلقها قبلكم، قال ابن عباس الجبلة الجماعة شبهت بالقطعة العظيمة من الجبل {قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} الذين سحروا مرة بعد أخرى {وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} بما تدعيه من الرسالة، فإن كنت صادقا {فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفًا مِنَ السَّماءِ} قطعا كثيفة عظاما منها {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} بأنك رسول اللّه القادر على كل شيء {قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ} وما تقولون وهو يجازيكم على ذلك، لأني بشر مثلكم لا قدرة لي على شيء مما اقترحتموه وغيره، فهو الذي يسلط عليكم ما يقهركم ويردكم إلى السداد قهرا {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} السحابة التي حبست عنهم الريح بعد أن سلط عليهم الحر سبعة أيام {إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} لأن السحابة التي التجئوا إليها لتقيهم حر الشمس قد أمطرتهم نارا والعياذ باللّه فأهلكتهم جميعا، وتقدمت القصّة مفصّلا في الآية 93 من سورة الأعراف المارة {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} انتهت القصص الثمانية التي أشرنا إليها آنفا، فتأمل رعاك اللّه كيف كانت دعوة هؤلاء الأنبياء الكرام إلى أممهم، وكيف كانت على وتيرة واحدة وجاءت على صيغة واحدة، لأن المرسل لهم هو الإله الواحد، والمرسل إليهم عبيده وخلقه، وكيف بذلوا معهم قصارى جهدهم ونهاية وسعهم طلبا لإرشادهم لسلوك الحق وعدولهم عن الباطل، بما يتحتم على العاقل من أن يعتقد صحة الشرائع كلها، قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ}، وقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحًا}، كما يجب أن يعتقد ويصدق بجميع الأنبياء ويعترف أن ما جاء في شريعة النبي المتأخر ناسخ لشريعة من قبله وواجب العمل به، وكيف كان جوابهم إليهم فتراه كأنه صادر عن أمة واحدة بلهجة واحدة على نمط واحد، صدق اللّه تعالى وهو أصدق القائلين في قوله: {تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ}، وكلهم سخروا بأنبيائهم واستهزءوا بهم وكذبوهم وأنكروا معجزاتهم ولم يعتبروا بمن قبلهم ولم يرتدعوا بما وقع عليهم، ألا فليحذر الذين يخالفوا أمر اللّه ويكذبون رسله ويجحدون كتبه أن يصيبهم مثل ما أصابهم ثم التفت إلى حبيبه محمد صلّى اللّه عليه وسلم وقال: {وَإِنَّهُ} أي القرآن المنزل عليك الذي أمرناك أن تنذر به قومك وقصصنا عليك فيه أحوال الرسل قبلك وأممهم وكيفية حالهم معهم وماهية عذابهم وسبب إهلاكهم تسليه لك كي لا يضيق صدرك مما ترى منهم ولا تحزن على عدم إيمانهم ودعهم فليقولوا ما يقولون فيه، وعزتي وجلالي {لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ} وقد {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} سفيرنا جبريل، سماه روحا لأنه خلق من نور اللّه من الروح وأمينا لائتمانه على وحيه وأدائه لرسله كما تلقاء منه وفي لحظة أمره به.{عَلى قَلْبِكَ} يا سيد الرسل حتى تعيه {لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ} به وقد خص القلب لأنه موضع التمييز والعقل، لأن الرجل لا يتكلم إلا عما وقر في قلبه {بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} ليفهمه قومك دون حاجة لترجمان حتى لا يبقى لهم عذر من جهة إرسال الرسول والفهم، قال تعالى: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}، وهذه الآية وما يضاهيها من آي القرآن الحكيم فصل الخطاب بأن جميع ما في القرآن عربي فصيح جاء بلسان العرب ولغتهم، وعليه فكل قول بأن بعض كلماته أجنبية باطل، وما جاء بأن اسماء إبراهيم وإسماعيل وجبرائيل أعجمية فهي في الأصل كذلك ونقلت إلى العربية وتسمى بها العرب قبل نزول القرآن، وكل ما كان مستعملا عند العرب فهو عربي ليس إلا، وإنما ذكرنا لك آنفا الأقوال في كونها أجنبية وذكرنا لك مصادرها لتقف عليها ثم تردها بما أوضحناه لك، وبدل أن تقول هي أجنبية استعملها العرب، فقل هي عربية استعملها الأجانب أو أنها وافقت لغتهم وهو الأجدر والأنسب، وفيها ردّ صريح آخر على ما يزعمه الباطنية من أن القرآن انزل غير موصوف بلسان أو لغة، ثم أنه عليه السلام أداء إلى قومه بلسانه وعبر عنه بلغته، لأن زعمهم هذا مخالف لنص القرآن والحديث في الإجماع.
|